القائمة الرئيسية

الصفحات

أسعد الشرعي: ظاهرة اليوتيوبر اليمني الذي تحول إلى "جندي للمغرب" في حرب الديجيتال

 

أسعد الشرعي: ظاهرة اليوتيوبر اليمني الذي تحول إلى "جندي للمغرب" في حرب الديجيتال



في المشهد الإعلامي الرقمي العربي، حيث تتشابك السياسة بالترفيه وتصنع الخوارزميات نجوماً جدداً كل يوم، برز اسم "أسعد الشرعي" كظاهرة فريدة ومثيرة للجدل. هذا الصحفي واليوتيوبر اليمني المقيم في بريطانيا، تحول في فترة قياسية من معلق سياسي يمني ينتقد الأوضاع في بلاده ودول الخليج، إلى واحد من أشرس المدافعين عن مغربية الصحراء وأحد أبرز المهاجمين لخصوم المغرب، وعلى رأسهم النظام الجزائري.

بدأ الشرعي، وهو في الأربعينيات من عمره، مسيرته كإعلامي سياسي ناقد في اليمن، وهو ما كلفه السجن أكثر من مرة. بعد انتقاله إلى بريطانيا، استخدم منصة يوتيوب كفضاء لمواصلة نشاطه السياسي، موجهاً سهام نقده بشكل خاص للمملكة العربية السعودية ودورها في اليمن. لكن التحول الكبير في مساره الرقمي حدث عندما بدأ يتناول ملف الصحراء المغربية.

لم يكتفِ الشرعي بتبني الطرح المغربي، بل غاص فيه بعمق، مستخدماً لغة مباشرة ونارية، وأسلوباً شعبوياً لامس وتراً حساساً لدى الجمهور المغربي. أصبح يردد الشعارات الوطنية المغربية، ويتفاعل مع الأحداث اليومية، ويبث لساعات مباشرة يهاجم فيها "الكابرانات" (وهو المصطلح الذي يستخدمه لوصف النظام الجزائري)، ويحلل خطاباتهم بطريقة ساخرة. وقد وصل به الأمر إلى ابتكار شعاره الخاص "الجمهورية اليمنية المغربية"، كرمز لتحالفه الشخصي مع القضية المغربية، وهو ما تحول إلى "لازمة" شهيرة بين متابعيه.

كما هو متوقع، أثار أسعد الشرعي انقساماً حاداً. ففي المغرب، يراه قطاع واسع من الجمهور بطلاً وصوتاً حراً وشجاعاً، و"مغربياً أكثر من بعض المغاربة"، ويشيدون بدوره في فضح ما يعتبرونه "بروباغندا جزائرية".

على الجانب الآخر، يرى فيه منتقدوه، وعلى رأسهم جزائريون، مجرد "مرتزق إعلامي" انتهازي، غيّر بوصلته بحثاً عن الشهرة والمال بعد أن وجد في الجمهور المغربي الكبير والمتفاعل منجماً جديداً للربح. ويتهمه هؤلاء بأنه يتاجر بقضية لا تخصه، ويؤجج الفتنة بين شعبين شقيقين، مشيرين إلى مواقفه السابقة التي لم تكن دائماً في صالح المغرب.

في النهاية، يبقى أسعد الشرعي نموذجاً صارخاً لعصر الإعلام الجديد، حيث يمكن لفرد واحد، مسلح بهاتف ذكي وحضور قوي على يوتيوب، أن يتحول إلى لاعب مؤثر في صراع جيوسياسي، متجاوزاً بذلك الإعلام التقليدي والقنوات الدبلوماسية. وسواء كان أيقونة حقيقية للدفاع عن المبادئ، أو مجرد ظاهرة رقمية عابرة، فقد نجح الشرعي في حفر اسمه كواحد من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في الفضاء المغاربي الرقمي.

 

تعليقات