القائمة الرئيسية

الصفحات

بحيرة المزامزة: عودة متنفس سطات بين تحديات الواقع وآمال التنمية

  1.  بحيرة المزامزة: عودة متنفس سطات بين تحديات الواقع وآمال التنمية

 




منذ سنوات طويلة، شكّلت بحيرة المزامزة بسطات أحد أبرز المعالم الطبيعية التي ارتبطت في وجدان الساكنة المحلية كمتنفس طبيعي ووجهة للراحة والترفيه، غير أن الإهمال الذي طالها حوّلها إلى حوض جاف فقد رونقه وجاذبيته، لتصبح مجرد ذكرى جميلة لدى الأجيال السابقة. ومع حلول عام 2025، بدأت هذه الصورة تتغير تدريجياً بعدما انطلقت أشغال تهيئة المشروع الذي طال انتظاره، والذي يطمح إلى إعادة الحياة للبحيرة وتحويلها إلى فضاء حضري متكامل يجمع بين البعد البيئي والجمالي والاقتصادي.

المشروع الذي تشرف عليه السلطات الإقليمية والجهوية يقوم على شطرين أساسيين، حيث يركز الأول على تهيئة الغابة الحضرية المحيطة بالبحيرة من خلال تأهيل المساحات الخضراء، إنشاء ممرات للمشي وفضاءات للرياضة والاستراحة، إضافة إلى الإضاءة العمومية ومرافق صحية وخدماتية. أما الشطر الثاني فيتعلق بالحوض المائي ذاته، إذ يشمل أشغال تنقية البحيرة، تركيب تجهيزات هيدروميكانيكية لضخ المياه، وتزيين الفضاء بنوافير وإضاءة جمالية تعيد إليه حيويته وتجعله عنصراً جاذباً للزوار.

التقدم المحرز في هذه الأشغال أعاد الأمل للساكنة التي عانت لسنوات من غياب فضاءات خضراء كافية، إذ أصبح المشروع اليوم مرادفاً لإحياء التوازن البيئي بالمدينة، وتعزيز جودة الحياة في ظل التوسع العمراني المتسارع. فالبحيرة بعد تأهيلها ستتحول إلى متنفس طبيعي يعكس صورة حضارية عن سطات، ويربط المواطن أكثر ببيئته، خاصة وأنها ستوفر فضاءات للنزهة والرياضة والأنشطة الثقافية.

لكن الأهمية الحقيقية للمشروع لا تقتصر على الجانب الترفيهي فحسب، بل تمتد إلى آثاره الاقتصادية المنتظرة. فتهيئة بحيرة المزامزة يُرتقب أن تجلب استثمارات صغيرة ومتوسطة في مجالات المقاهي والمطاعم والأنشطة السياحية، مما سيساهم في تنشيط الحركة التجارية وخلق فرص عمل جديدة للشباب. كما أن إشعاع المشروع على المستوى الإقليمي قد يفتح الباب أمام إدماج سطات ضمن الخريطة السياحية الداخلية للمغرب، وهو ما يشكل رهاناً أساسياً للمدينة الباحثة عن تعزيز حضورها.

رغم ذلك، تبقى أمام المشروع تحديات حقيقية لا يمكن تجاهلها. فالحفاظ على جمالية الفضاء واستدامته يتطلب رصد ميزانيات كافية للصيانة الدورية وضمان استمرار تدفق المياه إلى الحوض بشكل منتظم، إلى جانب محاربة مظاهر التلوث التي قد تعيد المشهد إلى نقطة الصفر. كما أن إشراك المجتمع المدني والساكنة في الحفاظ على هذا المرفق يبقى ضرورياً لتفادي تكرار سيناريو الإهمال السابق، وتحويل البحيرة إلى ملك جماعي يحميه الجميع.

اليوم، تقف سطات على عتبة تحول نوعي، فبحيرة المزامزة التي كانت عنواناً للخيبة لسنوات طويلة، قد تصبح رمزاً للأمل والتنمية إذا ما تم استكمال المشروع وفق الرؤية المرسومة له. ومع اكتمال الأشغال، سيكون أمام المدينة فضاء حضري يعكس التقاء الطبيعة والعمران، ويمنح ساكنتها متنفساً يليق بتطلعاتهم. إنها بداية فصل جديد في علاقة سطات ببحيرتها، فصل عنوانه الأمل، والتنمية، والعودة إلى الحياة.

تعليقات