لشبونة - 22 يوليو 2025
في
منعطف دبلوماسي بارز يعيد رسم ملامح التحالفات غرب المتوسط، أعلنت البرتغال اليوم
الثلاثاء عن دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، واصفة إياها بـ
"الأساس البناء والأكثر جدية ومصداقية" لإنهاء النزاع الإقليمي حول
الصحراء.
هذا الموقف المتقدم، الذي لطالما انتظرته الرباط من
جارتها الأيبيرية، جاء ليتوج زيارة عمل قام بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون
الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى لشبونة ولقائه بنظيره
البرتغالي، وزير الدولة والشؤون الخارجية، باولو رانجيل.
الإعلان
المشترك الصادر عقب المباحثات لم يترك مجالاً للشك في طبيعة التحول في الموقف
البرتغالي.
فقد أكدت لشبونة إدراكها العميق لأهمية قضية الصحراء
بالنسبة للمغرب، مثمنة "الجهود الجادة وذات المصداقية" التي تبذلها
المملكة في إطار الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل، دائم، ومقبول من كافة
الأطراف.
وبهذا، تكون البرتغال قد انضمت بشكل واضح وصريح إلى قائمة
الدول الأوروبية المؤثرة، كإسبانيا وألمانيا وهولندا، التي تعتبر المبادرة
المغربية المقدمة عام 2007، الحل الأكثر واقعية لطي هذا الملف.
توقيت دقيق ورسائل متعددة
يأتي
هذا الإعلان في سياق دينامية دولية متنامية داعمة للموقف المغربي، وهي دينامية
يقودها الملك محمد السادس شخصياً. اختيار هذا التوقيت، الذي يتزامن مع
احتفال البلدين بالذكرى الثلاثين لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، يضفي على
الموقف البرتغالي بعداً رمزياً واستراتيجياً، مؤكداً على عمق العلاقات التاريخية
والرغبة المشتركة في الارتقاء بها إلى شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد.
لم
يقتصر اللقاء على الملف السياسي فقط، بل شدد الوزيران على ضرورة تفعيل الالتزامات
المنبثقة عن الاجتماع رفيع المستوى الأخير في مايو 2023، خاصة في مجالات واعدة مثل
الهيدروجين الأخضر ومشروع الربط الكهربائي والبحري بين البلدين. كما شكل التنظيم
المشترك لمونديال 2030 محوراً رئيسياً في المباحثات، باعتباره رافعة للتنمية
والتقارب بين ضفتي المتوسط.
الأطلسي: فضاء مشترك ورؤية ملكية
أبدت
البرتغال، كقوة أطلسية، اهتماماً خاصاً بالمبادرات الملكية الموجهة نحو الفضاء
الأطلسي الإفريقي.
ونوه الإعلان المشترك بمبادرة "مسلسل الدول
الإفريقية الأطلسية" والمبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط
الأطلسي، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، معتبرة إياها مشاريع استراتيجية تخدم
التنمية والاستقرار في القارة.
إن
موقف لشبونة الجديد ليس مجرد تصريح دبلوماسي عابر، بل هو إقرار بواقعية المقترح
المغربي وجديته، وتأكيد على أن منطق التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة يفرض
نفسه كبوصلة توجه العلاقات بين المملكتين الجارتين نحو مستقبل أكثر تكاملاً
وازدهاراً. كما أنه يمثل دعماً قوياً لمسار الحل السياسي الذي ترعاه الأمم
المتحدة، ويجدد التأكيد على أن أي حل واقعي وعملي ودائم لا يمكن أن يتم إلا على
أساس من التوافق، وهو ما يجسده جوهر مبادرة الحكم الذاتي.
تعليقات
إرسال تعليق