تخيل أن أنظار
الأمة تتجه نحو منصة التتويج. لبؤات الأطلس، بقيادة المدرب خورخي فيلدا، يرفعن كأس
الأمم الإفريقية للسيدات 2025. الفرحة تعم الشوارع، وزغاريد النصر تدوي في كل بيت.
لكن في خضم هذا الاحتفال الوطني، هناك رجل واحد سيشعر بثقل هذا المجد أكثر من أي
شخص آخر: وليد الركراكي، مهندس ملحمة مونديال 2022.
فوز
اللبؤات بالكأس الإفريقية لن يكون مجرد إنجاز رياضي، بل سيتحول فوراً إلى معيار
جديد للنجاح، وعبء ذهبي سيوضع على كتفي الركراكي وأسود الأطلس قبل أشهر قليلة من
انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية للرجال، التي يستضيفها المغرب. فما هو الثقل
الحقيقي الذي سيضيفه هذا التتويج على مهمة المدرب الوطني؟
1. سيف المقارنة ذو الحدين
أول
وأخطر ثقل سيواجهه الركراكي هو المقارنة المباشرة والحتمية. ستصبح جملة
"اللبؤات فعلنها، فمتى يأتي دوركم؟" هي اللازمة التي ستتردد في المقاهي،
ووسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي. نجاح المدرب خورخي فيلدا في تحقيق
اللقب القاري في فترة وجيزة نسبياً، سيضع استراتيجية الركراكي طويلة الأمد تحت
المجهر.
فلسفة
"ديرو النية" و"العائلة" التي صنعت مجد المونديال، قد لا تعود
كافية في نظر الجمهور الذي تذوق طعم الذهب القاري. سيتحول المطلب من "الأداء
المشرف" و"الوصول للأدوار المتقدمة" إلى هدف واحد لا ثاني له:
اللقب ولا شيء غيره. أي نتيجة أقل من التتويج على أرض المغرب ستُقابل بخيبة أمل
مضاعفة، مدفوعة بنجاح الفريق النسوي.
2. نهاية الأعذار وبداية الحساب
سيؤدي
فوز اللبؤات إلى رفع سقف التوقعات إلى مستوى غير مسبوق. لن يعود هناك مجال للحديث
عن "ضغط اللعب على أرضنا" كعامل سلبي، بل سيصبح "واجبًا
وطنيًا" لمضاهاة إنجاز السيدات. ذكرى الخروج المخيب من "كان 2023"
أمام جنوب إفريقيا ستعود للظهور بقوة، ليس كعثرة يمكن التعلم منها، بل كخطأ لا
يمكن تكراره تحت أي ظرف.
الثقل
هنا سيكون نفسيًا بالدرجة الأولى. سيجد الركراكي نفسه مطالباً ليس فقط بتحقيق حلم
طال انتظاره منذ عام 1976، بل بتأكيد هيمنة الكرة المغربية على القارة في فئتيها،
الرجال والسيدات. سيصبح "اللقب المزدوج" هو الحلم الوطني، وأي إخفاق من
جانب الرجال سيبدو أكبر وأكثر مرارة.
3. الدافع الذهبي والوقود النفسي
على
الجانب الآخر، يمكن أن يتحول هذا الضغط الهائل إلى أقوى دافع ممكن. يمكن للركراكي،
بدهائه المعهود في التواصل، أن يستخدم إنجاز اللبؤات كوقود نفسي هائل للاعبيه.
يمكن أن تتحول القصة من "ضغط المقارنة" إلى "إلهام التحدي".
سيخاطب
لاعبيه قائلاً: "شقيقاتكم فتحن لكم الطريق وأظهرن أن المستحيل ليس مغربياً.
لقد وضعن المعيار وعلينا الآن أن نكون على قدر المسؤولية". هذا الخطاب من
شأنه أن يخلق حالة من الشحن الإيجابي والتحدي داخل معسكر الأسود، ويحول الضغط
الخارجي إلى طاقة داخلية متفجرة ورغبة في إكمال الفرحة الوطنية.
في المحصلة، فإن فوز لبؤات الأطلس بكأس إفريقيا سيضع
وليد الركراكي أمام أهم اختبار في مسيرته التدريبية، اختبار يتجاوز التكتيك والخطط
الفنية ليصل إلى عمق الإدارة الذهنية والنفسية.
الثقل
سيكون حقيقياً، والمقارنة ستكون حاضرة في كل قرار يتخذه. لكن التاريخ يكتبه أولئك
الذين يحولون الأعباء الثقيلة إلى أجنحة يحلقون بها نحو المجد. سيكون على الركراكي
أن يثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد مدرب كبير، بل قائد استثنائي قادر على امتصاص الضغط
وتحويله إلى انتصار يكمل فرحة أمة بأكملها.
تعليقات
إرسال تعليق